التفوق الأبرز الذي حققته الدوحة، كان على صعيد السياسة الخارجية، فأصبحت محجا لحل الخلافات السياسية، وتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، واحتضان الفرقاء السياسيين، وحل المشكلات المستعصية، سواء بين البلدان المختلفة أو بين فصائل متناحرة من بلد واحد، كنجاحها في إبرام "اتفاق سلام الدوحة" لحل أزمة دارفور، الذي اعتبره السودان أساس عملية السلام في دارفور، وحقق مكاسب كبيرة على الأرض لأهل دارفور، في مقدمتها إعادة الأمن والاستقرار، وتطور وتقدم عمليات التنمية والبناء والإعمار، وعودة النازحين، والدفع بعملية السلام إلى الأمام.
وجمعت الدوحة الفرقاء اللبنانيين عام 2008، ما حال دون الاتجاه في طريق انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، والتوقيع على ما يسمى "اتفاق الدوحة"، الذي أوقف الاشتباكات بين المليشيات اللبنانية، وأسفر عن إعادة الهدوء وانتخاب رئيس جمهورية جديد، وبرلمان جديد وحكومة جديدة.
وفي لبنان أيضا قامت بإعادة إعمار الجنوب، الذي تعرض لتدمير صهيوني، إثر الحرب التي شنها الاحتلال عام 2006، وخلفت دمارا منقطع النظير، ما حدا بالقادة اللبنانيين والشيعة، إلى وصف الشيخ حمد آنذاك، بأمير المقاومة.
وفيما يتعلق بالثورات العربية، دعمت الدوحة تطلعات الشعوب إلى الحرية، وساهمت في تلبيتها من تونس لمصر وليبيا واليمن، والآن سوريا.
وظلت فلسطين حاضرة كقضية مركزية، على جدول اهتماممات الأمير حمد، الذي ضمت بلاده الكثير من المؤتمرات والاجتماعات، أفضت في نهايتها إلى اتفاق بين حركتى فتح وحماس، على إعلان "الدوحة للمصالحة الفلسطينية"، الذي جرى توقيعه برعاية الأمير في 6 فبراير 2012.
وبعد أن اجتازت مشوارا طويلا، في سبيل تحقيق السلم العربي بين فرقاء الضاد، لعبت قطر دورا دوليا كبيرا على المستوى الدولي، كان آخره افتتاح مكتب لحركة طالبان الأفغانية في الدوحة، في يونيو 2013، لتسهيل الحوار بين الحركة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وكذلك النظام في كابول، في محاولة لتحقيق السلم في أفغانستان، التي تستعد الجيوش الأجنبية لمغادرتها عام 2014م، وسط أوضاع أمنية متدهورة للغاية .
شهد اقتصاد قطر خلال 18 عاما من حكم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قفزات كبيرة جعلته من أكثر الاقتصادات نموا في العالم. وقد ارتكزت السياسة الاقتصادية طيلة هذه الفترة على مبدأ تنويع الدخل بعيدا عن الريع، وذلك بالاستثمار في ما يعرف باقتصاد المعرفة والتوسع في الاستثمارات الخارجية.
فبعدما كان الناتج المحلي الإجمالي لقطر لا يتجاوز 29 مليار دولار في العام 1995، وهي السنة التي تولى فيها الشيخ حمد مقاليد الحكم، صار يناهز 192 مليار دولار في العام الماضي، وفي غضون عقد واحد تحولت قطر من منتج صغير للنفط إلى أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بطاقة إنتاجية تتجاوز 77 مليون طن سنوياً، كما جعلها الإنتاج الضخم من الغاز أكبر مصدر للطاقة النظيفة من سوائل الغاز والمشتقات البترولية.
ورغم أن الغاز والنفط يشكلان العمود الفقري للاقتصاد القطري بنسبة 70% من إيرادات الحكومة، فإن السلطات القطرية عمدت في السنوات الأخيرة إلى اعتماد خطط بعيدة المدى ترمي لتنويع الاقتصاد القطري من خلال التركيز على اقتصاد المعرفة وتوظيف عائدات الثروة الطبيعية في استثمارات خارج قطر في قطاعات المال والصناعة والزراعة وغيرها من خلال جهاز قطر للاستثمار، وهو صندوق الثروة السيادي الذي تفوق أصوله التي يديرها 100 مليار دولار.